هالة إعلامية كبيرة واكبت تسليم مصلحة تصفية الدم بمستشفى محمد بوداود بدلس بعد سنوات من التأخر ومعاناة المرضى الموزعين على المصحات الخاصة وحتى مستشفى تيزي وزو، وهذا كغيرها من المشاريع الأخرى التي تدعّم بها القطاع في إطار المخططات الخماسية البعض منها مسجل سنة 2006 كالقاعة متعددة الخدمات بالمدينة الجديدة التي استهلكت الملايير بعمليات إعادة التقييم.
ليست هذه القاعة فقط التي برمجت في إطار فك الخناق على مستشفى المدينة وتدعيم المدينة الجديدة، والقرى المجاورة بهياكل قاعدية وصحية وحدها من تعاني التأخر وغياب المتابعة والصرامة من طرف السلطات الولائية والقائمين على قطاع الصحة، بل أن أغلب المشاريع الهامة المسجلة في المخططين الخماسيين من 2005 حتى 2014 لم تسلم بعد منها مشروع 240 سرير بعاصمة الولاية الذي وضع له حجر الأساس سنة 2009 أو قبل هذا التاريخ، واستهلك أزيد من 300 مليار سنتيم وحكايات عن ترقيته إلى مستشفى جامعي في حال تدعّمت جامعة بومرداس بكلية للطب، مشروع مستشفى الأمراض العقلية بـ 120 سرير ببودواو، الذي كان محل معاينة من طرف الوزير السابق للصحة عبد المالك بوضياف سنة 2015، حيث وعد بتسليمه نهاية سنة 2016 لكنه حاليا لم يعد على أجندة المشاريع المبرمجة، إلى جانب مشروع مستشفى 120 سرير لذات البلدية، مشروع مستشفى 120 سرير ببلدية خميس الخشنة، مدرسة الشبه الطبي، مركز الأمومة والطفل المسجل شهر فيفري سنة 2014، ومشاريع أخرى عديدة مستعجلة جاءت لتدعيم المؤسسات العمومية الثلاثة في كل من مستشفى الثنية، برج منايل ودلس التي تعاني الضغط الكبير ونقص التخصصات الهامة، إلى جانب التأطير الطبي الذي يبقى من النقاط السوداء والتراجع المستمر لمستوى الخدمات المقدمة.
تساؤل ثاني أكثر أهمية يطرح حول مصير التقرير الأسود الذي رفعته لجنة الصحة والنظافة وحماية البيئة للمجلس الشعبي الولائي لولاية بومرداس في دورتها العادية الثالثة لسنة 2014 حول واقع قطاع الصحة بالولاية، ومصير المشاريع المتأخرة التي أثّرت سلبا على نوعية الخدمات وحق المواطن في العلاج، حيث لا تزال طاقة الاستيعاب للمؤسسات الاستشفائية العمومية لا تتجاوز 613 سرير مقابل 900 ألف نسمة، متسائلة أيضا عن نتائج برنامج الإصلاح وإعادة الهيكلة التي مست الخارطة الصحية بالولاية المنبثة عن المرسوم التنفيذي رقم 140 / 07 المؤرخ في 19 / 05 / 2007 في إطار السياسة الصحية الوطنية، ومصير أزيد من 1 طن من النفايات الصحية التي تلفظها المؤسسات العمومية يوميا دون إحتساب حصة المصحات الخاصة في وقت تغرق فيه الولاية في النفايات المنزلية وعجز مركز الردم التقني لقورصومن استقبال عشرات الشاحنات القادمة من 32 بلدية.
هذه إذن أبرز الانشغالات والتحديات المفروضة على قطاع الصحة اليوم بولاية بومرداس حسب المتتبعين والمختصين في الميدان، التي كان من المفروض أن تفتح عنها نقاشات عميقة من قبل جميع الفاعلين واتخاذ إجراءات صارمة من قبل والي الولاية في حق المقصرين.
أما عن عملية وضع في الخدمة لمصلحة تصفية الدم والمخبر الصحي لمستشفى محمد بوداود بحسب تعليقات المواطنين فهومكسب كبير للمنطقة، لكنه بنظرهم لا تستحق كل هذا التحرك لأنها في الحقيقة مشاريع مسترجعة أخذت الكثير من الجهد والمال وزادت من حجم الضغط داخل المؤسسة الاستشفائية المحتاجة اليوم إلى تنفيس، مع التساؤل عن مصير مشروع مصلحة الاستعجالات التي كانت مبرمجة، إلى جانب مصلحة الطب المتخصص التي تم توزيعها على مؤسسات الصحة الجوارية، وأسباب حرمان المرضى من جهاز سكانير ومصلحة الكشف بالراديو، وغيرها من الوسائل الطبية الضرورية للأطقم الطبية التي تشتكي من صعوبة العمل في ظل الضغط اليومي للمؤسسة التي تستقبل عشرات المواطنين من البلديات المجاورة. وعليه فإنّ دائرة دلس اليوم بحاجة إلى مشروع مستشفى كبير يتم إنجازه في فضاء خارج المدينة المضغوطة يشمل كل التخصصات الطبية المطلوبة، وليس عمليات تجميلية على غرار ما شهدته مصلحة الاستعجالات السابقة المصنفة في الخانة البرتقالية 4 المتنازع عليها مع مؤسسة الصحة الجوارية التي استفادت من مشروعين لإعادة التهيئة بإجمالي 70 مليون دينار، لكنها اليوم مغلقة بسبب خطورة المبنى، وهو ما يقودنا إلى التساؤل عن أسباب سياسة البريكولاج المنتهجة من قبل مديرية الصحة.